تخطى إلى المحتوى

تقرير عن الجزر الثلاث للصف الرابع 2024

السسلام عليكم ورحمه الله وبركاته

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أفضل خلقه، محمد-صلى الله عليه وسلم- أما بعد، فقد جاء بحثي هذا بعنوان:احتلال إيران للجزر الثلاث "طنب الكبرى، طنب الصغرى، أبو موسى")؛ لأهمية هذه الجزر باعتبارها تقع في مدخل الخليج العربي ورغبة إيران في بسط نفوذها على منطقة الخليج، كما أن هذا الاحتلال يؤثر على أمن واستقرار المنطقة.

ولقد قسمت بحثي إلى عدة موضوعات وهي:
• التعريف بالجزر الثلاث
• الجوانب التاريخية للجزر
• الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية للجزر
• الاحتلال الإيراني للجزر
• الادعاءات الإيرانية في ملكية الجزر والرد على هذه الادعاءات .
• موقف الإمارات العربية المتحدة من قضية الجزر الثلاث.
• الدبلوماسية التي اتبعها الشيخ زايد تجاه هذه القضية
• التأكيد على عروبة الجزر الثلاث.

ومن الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث تشابه بعض المصادر وتداخلها في الموضوع.

وأخيرا أرجو أن يكون بحثي هذا مفيدا لأبناء وطني، وأعتذر عن كل تقصير فيه، ونسأل الله التوفيق والسداد.

التعريف بالجزر الثلاث

• جزيرة أبو موسى

تعتبر جزيرة أبو موسى التي تبعد 75 كيلو مترا عن الشارقة أكبر جزر الخليج مساحة حيث مساحتها بثلاثين كيلو مترا مربعا وهي تتمتع بأهمية إستراتيجية لوقوعها عند مضيق هرمز. ويتصف وسط الجزيرة بالصفة الصحراوية، وترتفع وسطها قمة بارتفاع 110 أمتار، وتمتاز هذه الجزيرة عن الجزر الأخرى بوجود المياه العذبة الصالحة للشرب فيها لذلك تتصف تربتها بالخصوبة، وقد اكتشف النفط في مياهها عام 1973 وهي تتبع إمارة الشارقة.

• جزيرة طنب الكبرى

أما جزيرة طنب الكبرى فتقع شمال شرق جزيرة أبو موسى وتبعد عنها حوالي 50 كيلو مترا، وهي دائرية الشكل ترتفع عن سطح البحر 615 قدما وهي عبارة عن قبة صخرية غنية بالمعادن وخصوصا التراب الأحمر ويعمل سكانها في الصيد لقلة المياه العذبة وعدم خصوبة التربة، ويمر بهذه الجزيرة الخط الملاحي الدولي، وتعود ملكيتها لإمارة رأس الخيمة.

• جزيرة طنب الصغرى

وتقع جزيرة طنب الصغرى إلى الشمال الشرقي من جزيرة طنب الكبرى، وتبعد عنها حوالي 12 كيلو مترا وهي جزيرة صخرية دائرية قطرها لا يتجاوز الكيلو متر الواحد وتغطي سواحلها مياه المد وترتفع 35 مترا عن سطح البحر، وهي خالية من السكان، وتعود ملكيتها لإمارة رأس الخيمة.
وبقليل من التأمل في الموقع الجغرافي تتضح لنا الأهمية الاستراتيجية لهذه الجزر مما يستدعي الحرص عليها والتمسك بها والسعي لاستعادتها حرصا على سلامة وأمن الخليج كلها، لأنها واقعة في مدخل مضيق هرمز.

الجوانب التاريخية للجزر

يرتبط تاريخ الجزيرة بتاريخ القواسم. ففي نهاية القرن التاسع عشر ، شيد فيها الشيخ سالم بن سلطان القاسمي قصرا عملت سلطات الاحتلال الإيراني على هدمه وسوته بالأرض ومع دخول قوات الشاه إلى الجزيرة عام 1971 ، سرعان ما نصب فيها الجنود الإيرانيون بعض المدافع الثقيلة المصوبة نحو البحر و بنوا مهبطا للطائرات المروحية. ولم تلبث الجزيرة أن اكتظت بالإيرانيين وتعرضت لعملية تغيير قسرية ومدروسة بدأت بشق طريق جديد يفصل بين المنطقتين العربية والإيرانية.

وكغيرها من الجزر المنتشرة في وسط الخليج العربي، خضعت طنب الكبرى عبر العصور للفاتحين المتوالين الذين حكموا منطقة الخليج العربي من يونان ورومان وفرس وعرب ومغدل وبرتغاليين وانجليز. وقد حكم الجزيرة القواسم منذ عام 1750م على الأقل.

سكانها ينتمون إلى ذات القبائل العربية التي تسكن البر المقابل. وقد اتبعت إيران سياسة تضييق الخناق والتجويع لقطع كل شريان عربي في الجزيرة ومحيطها، وتنصيب نفسها الوصي الوحيد على أمن الخليج وممتلكاته.

الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية للجزر الثلاث

تحتل الجزر العربية الثلاث الواقعة في الخليج العربي موقعا استراتيجيا مهما خصوصا من ناحية إشرافها على مضيق هرمز، هذا المضيق الذي يمر عبره البترول العربي. وتشكل الجزر العربية " جزيرة أبو موسى، وطنب الكبرى وطنب الصغرى" مركزا للمراقبة يمكن منه رؤية سواحل العراق وإيران والسعودية، وأهمية هذه الجزر لا تقل عن أهمية جزيرة " هرمز" بالنسبة للمضيق، أو طنجة وجبل طارق في مدخل البحر الأبيض المتوسط، أو عدن في مدخل البحر الأحمر، والذي يسيطر على هذه الجزر يسيطر تقريبا على حركة المرور المائي بالنسبة للداخل والخارج للخليج العربي.

لقد كانت قضية السيادة على جزر صرى وطنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى سبب النزاع الرئيسي بين الإمارات المتصالحة وإيران في نهاية القرن التاسع عشر. وتقع هذه الجزر الأربع الصغيرة قريبا من مدخل الخليج. وبالرغم من صغر مساحتها إلا أن أهميتها الإستراتيجية بالغة الخطورة لعدة أسباب وهي:

أولا: يقع المرر الملاحي العميق بالخليج بين هذه الجزر والساحل الإيراني.
ثانيا: استخدام هذه الجزر موانئ وملاجئ للسفن عند الضرورة في أجواء العاصفة.

ثالثا: استخدام شيوخ القواسم في الماضي مراعي لحيواناتهم في فصل الربيع.

إن الأهمية الاقتصادية هي إحدى الدوافع التي ساهمت في دفع الحكومة الإيرانية إلى احتلال الجزر والتمسك بها وتتجلى هذه الأهمية في صورتين:

الأولى: وجود المعادن والثروات الطبيعية مثل مصائد الأسماك واللؤلؤ والمراعي هذا إلى جانب الموقع الجغرافي الهام المتحكم في مسار خطوط الملاحة الدولية في الخليج، إذا ما اتخذت الجزر محطات لتزويد السفن بالوقود والخدمات الملاحية الأخرى أو في حالة فرض رسوم وضرائب العبور عليها.

الثانية: تتمثل في كونها طريقا لمرور البترول الإيراني ولمنتجاتها الصناعية والزراعية إلى أسواق الخليج والعالم الخارجي.

فإيران ترى نفسها في مصاف الدول القادرة على إنشاء الصناعات الثقيلة والخفيفة وتعتقد أن حماية أسطولها التجاري في تحركاته داخل مياه الخليج وخارجها لا يأتي إلا بفرض سيطرتها على الجزر الثلاث.

إضافة إلى أن إيران كانت تخطط عند احتلالها للجزر لتصدير ما يزيد عن 60 مليون برميل من النفط الخام، يوميا خلال الأعوام العشرة القادمة عن طريق مضيق هرمز ومن خلال المضائق التي تشكلها هذه الجزر وهذه الرؤية المستقبلية لهذه الجزر دفعت إيران إلى احتلال الجزر الثلاث.

الاحتلال الإيراني للجزر

وقد شنت القوات الإيرانية عدوانها على السكان والمراكز الحكومية في جزيرة طنب الكبرى، وكان الجنود يقدرون بعشرات الآلاف زحفوا على أرض الجزيرة من المدمرات والبوارج الحربية والطرادات، كما نزلت قوات أخرى بواسطة طائرات الهيلوكبتر وسط الجزيرة، قامت هذه القوات صباح يوم 30/11/1971 بقصف مركّز على مركز الشرطة وعلى المدرسة الابتدائية القاسمية الواقعة في وسط البلدة.

استغلت إيران إعلان بريطانيا الانسحاب من الخليج العربي في نهاية عام 1971، وقامت في صباح يوم الثلاثاء الموافق 30 من شهر تشرين الثاني " نوفمبر" 1971 باحتلال الجزر العربية الثلاث، حيث قامت قوة كبيرة من الجيش الإيراني يساندها سلاح البحرية بمهاجمة جزيرتي "طنب الصغرى وطنب الكبرى" واحتلتها بعد معركة بين رجال الشرطة التابعين لإمارة رأس الخيمة والقوات الإيرانية مما أدى إلى استشهاد 6 أشخاص ومقتل 3 أفراد من القوات الإيرانية.

وقد اختلفت السياسة الإيرانية في احتلال الجزر تماما عن سياستها حيال قضية البحرين لهذا. وكان هناك ردود فعل مختلفة نتيجة لهذا الاحتلال. واتسم رد فعل لدى أهالي الإمارات بالغضب، خاصة أهالي رأس الخيمة والشارقة. وهوجمت الممتلكات الإيرانية في المدن الكبرى بالإمارات. وفي أول بيان صدر عن المجلس الأعلى لدى الإمارات العربية بعد يومين من قيام الدولة، عبر الحكام عن غضبهم وأسفهم الشديد تجاه أسلوب العنف والقوة الذي استخدمته إيران لاحتلال الجزر.

الادعاءات الإيرانية في ملكية الجزر

أما الادعاءات الفارسية فقد تواترت على فترات تزامنت مع تجدد المصالح البريطانية مع طهران كمحاولة لاقتسام الحقوق العربية نتيجة للضغط العربي آنذاك.

تقوم الادعاءات في ملكية الجزر على ثلاث حجج أولها أن لديها أدلة على سيادتها للجزر، والثانية أن الخرائط البريطانية تدخل الجزر في السيادة الإيرانية والثالثة أن لها مصالح إستراتيجية تستلزم تبعية الجزر لها للحفاظ على أمن الخليج. ومن الموجز التاريخي يتضح لنا أن الجزر الثلاث لم تكن في يوم من الأيام إقليما مباحا بحيث تدعي إيران حيازتها الفعلية لها، فلقد خضعت لحكم القواسم لما يزيد على القرنين والنصف، وأقرت بذلك كل من إيران وبريطانيا.

الذي يلفت الانتباه هو رغم وجود الوثائق التي تدل على عروبة الجزر إلا أن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر قال في 6/9/1993: " أن جزيرة أبو موسى الإماراتية هي جزء من أراضي إيران، وأن بلاده ستفعل ما في وسعها للحفاظ على هذه الجزيرة، وكذلك على جزيرتي طنب الكبرى، وطنب الصغرى"

الرد على الادعاءات الإيرانية

الحجة الأولى: ادعاؤها السيطرة على الجزر قبل الوجود البريطاني في الخليج.

بالنسبة للحجة الأولى. إذا كانت المزاعم الإيرانية صحيحة، فلماذا وكيف تخلت عن الجزر؟ فإذا كان ذلك بموجب اتفاقية أبرمت مع بريطانيا، لماذا لم تبرز إيران هذه الاتفاقية كوثيقة ثبوتية مقابل هذا السيل من الوثائق الذي يؤكد ملكية القواسم للجزر؟ وإذا كانت المزاعم الإيرانية صحيحة أيضا، لماذا سعت إيران إلى التفاوض مع شيخ الشارقة بشأن جزيرة أبو موسى وليس مع بريطانيا ؟ ولماذا من ناحية أخرى طلبت استئجار طنب إذا كانت هذه ملكا لها؟

الحجة الثانية: تبرير ملكية الجزر استنادا إلى الخرائط البريطانية للمنطقة.

أما الحجة الثانية فتستند إلى الخرائط التي أصدرتها بريطانيا عن منطقة الخليج وقدمتها لإيران وفيها ظهرت الجزر بنفس لون الأراضي الإيرانية مما أعطى إيران مبررا آخر للمطالبة بالجزر.

إن الخرائط التي تستند إليها إيران هي نوع من الخرائط الخاصة التي تستخدم للملاحة البحرية وليس لترسيم الحدود بين الدول. كذلك فإن الخرائط الدولية كانت تشير إلى عروبة الجزر إلى غاية 1870. كذلك، لم تبرز إيران الخرائط البريطانية التي زعمت وجودها بصورة علنية. كما أنها لا تعتبر رسمية لأنها لم توثق من قبل شخص يمثل بريطانيا في العلاقات الدولية البريطانية كما يشترط القانون البريطاني.

الحجة الثالثة: اعتبارها أن أمن الخليج يستلزم ضرورة إلحاق الجزر بها.

إن تحجج إيران بحماية أمن الخليج لا يبرر سيطرتها على الجزر، فالحماية أمر يهم جميع دول المنطقة لا إيران وحدها، ولذا فإن الإطار القانوني السليم لحل هذا الإشكال هو إتباع الطرق الدبلوماسية عن طريق الحوار والتفاوض من أجل البحث عن الأسس والوسائل التي تضمن توطيد الأمن والاستقرار في الخليج.

الحجة الرابعة: قرب هذه الجزيرة من شواطئها مما يعطيها مسوغا للسيطرة عليها.
أما ادعاء حماية طرق المواصلات البحرية في الخليج، فهو ادعاء من جانب إيران لا يبرر احتلال أراضي الغير بالقوة خاصة أن هذا الإشكال يجد حله في إطار القانون الدولي وقواعده.

ومسؤولية الحفاظ على أمن هذه الطرق البحرية مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الدول المطلة على هذه الممرات جميعا، أما الطرق الملاحية
الأخرى والتي لا تخضع لأي تحديد دولي فإن كل دولة تقع على هذه الطرق في نطاق إقليمها الوطني مسئولة عن حماية هذه الطرق وضمان الأمن والسلامة فيها دون حاجة لأن تقوم إحداها باحتلال أراضي الغير تحت زعم حماية طرق المواصلات.

موقف الإمارات العربية المتحدة من قضية الجزر الثلاث

أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ نشأتها، ملكية لجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى ورغبتها في تسوية النزاع بالطرق السلمية وبما يتفق مع القوانين والأعراف الدولية. وبعد أيام معدودة من نزول القوات الإيرانية في الجزر الثلاث، بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة الناشئة تبرز قضيتها، وجاء في بيان صدر عن المجلس الأعلى للاتحاد في 2/ ديسمبر/1971 مايأتي:
يندد الاتحاد بمبدأ استخدام القوة ويأسفه أن إيران قد أقدمت مؤخرا على احتلال جزء من الأمة العربية، لذا فإن المجلس يعتبر أنه من الضروري المحافظة على الحقوق القانونية ومناقشة التبعات المحتملة بسبب النزاع بين الدولتين. ولابد من إجراء مثل هذه المناقشات بطرق معترف بها دوليا.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن بأهمية تكثيف الجهود بالمنطقة، من أجل تحقيق أواصل الإخاء والتعاون، لتأمين دعائم الأمن والاستقرار لهذه البقعة العامة من العالم.
إن علاقة دولة الامارات العربية المتحدة بايران ترتكز على أواصل الجوار، والتراث المشترك، والدين الواحد، والمصالح المتبادلة.

لقد سعت دولة الامارات العربية المتحدة منذ لحظة قيامها الى تسوية قضية النزاع على الجزر بطريقة سلمية وودية. وفي حين ظلت دولة الامارات العربية المتحدة ثابتة في مطالبتها بالسيادة على الجزر الثلاث فقد أعطت لإيران فرصة تلو الأخرى للتوصل إلى تسوية عبر المفاوضات، سواء عبر المحادثات المباشرة أو عبر الوساطة، أو لإخضاع القضية لمراجعة قانونية دولية، على سبيل المثال من قبل محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا.

لجأت دولة الامارات العربية المتحدة إلى منظمات إقليمية ودولية مثل جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة لتأكيد قضيتها. غير أن إيران عمدت إلى صد الجهود التي بذلتها دولة الامارات العربية المتحدة في هذا السبيل. وقد واصلت إيران في عهد الشاة وفي عهد الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد عام 1979 رفض حقوق دولة الامارات العربية المتحدة الشرعية والسيادية على الجزر.

ومن الخطوات التي قامت بها دولة الامارت العربية المتحدة تجاه هذه القضية:
• العمل على استمرار الحوار الأخوي مع الجارة المسلمة إيران وذلك من أجل التوصل الى حد سلمي.
• العمل على ايجاد الحوار الثنائي بين دولة الامارات العربية المتحدة وايران، ثم الحوار الجماعي عبر الوسطاء حتى لا تتأزم المسألة.
• في حالة عدم الوصول إلى حل، يتجه الطرفان الى محكمة العدل الدولية.

عادت دولة الامارات العربية المتحدة الى استئناف مجهودها الدبلوماسي بعد أن أصيبت بخيبة أمل من الموقف الإيراني، وواصلت الدبلوماسية الإماراتية تحقيق النجاحات في استقطاب بيانات التأييد الرسمي لموقف دولة الامارات العربية المتحدة، ومن ذلك على سبيل المثال فإنه طوال الفترة الممتدة من قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ديسمبر 1995، الى اجتماعات المجلس الوزاري لدول المجلس نفسه في يونيو 1996 بالعاصمة السعودية الرياض، ثم في مؤتمر القمة العربية الذي عقد في القاهرة خلال يونيو 1996، وفي 30/ مارس/ 1996، أكد الفريق الركن طيار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نائب إمارة أبوظبي، في مقابلة صحفية، عزم دولة العربية المتحدة على استعادة جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران.

الدبلوماسية التي اتبعها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله تجاه هذه القضية:

من أقواله رحمه الله: "هذه القضية ليست قضية محلية، إنها قضية عربية في الدرجة الأولى. وقد عرض موضوع هذه الجزر على كل المسؤولين في الدول العربية، بل ونوقش في اجتماعات الجامعة العربية أكثر من مرة، بعد الاحتلال، وقد كلفت الجامعة العربية بعض الدول الأعضاء ذوي العلاقات الحسنة مع ايران بالتوسط في هذا الموضوع، وإنهائه بالطرق الدبلوماسية الهادئة.
إن ايران جارة لنا، ونحن على ثقة أن المشاكل بين الدول يمكن أن تحل بغير طريق العنف، ولابد أن يتوفر المناخ الملائم حتى يستطيع المسؤولون في هذه الدول أن يحلو المشاكل بينهم على أحسن وجه ممكن".

في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر 1971، التقى سمو الشيخ زايد بوفد من التلفزيون الفرنسي وسأله أحد أعضاء الوفد.
سؤال: ما هو الحل في رأي سموكم في موضوع مشكلة المطالب الإيرانية بالجزر؟
الجواب: إن النزاع على الحدود مشكلة عالمية موجودة في أكثر من منطقة وأكثر من بلد، وكما أتصور أنا فإن سوء التفاهم الناشب بين إيران والخليج ليس جديدا، فلقد كانت هناك مطالب إيرانية في البحرين سابقا قبل بروز مشكلة الجزر، وقد حلت تلك المشكلة وانتهت، ونحن نتمنى |أن ينتهي سوء التفاهم على الجزر كما انتهى عليه الحال بالنسبة لمشكلة البحرين السابقة بصورة ودية سليمة وعلى أساس من الصداقة والجوار والدين.

وفي إحدى جلساته رحمه الله قال: "نحن نريد شيئا جديدا، لكننا عند سماع كلام إيران وتصريحاتها نجد فيه بعدا عما نفكر به نحن، فالإنسان الذي يستولي على حق من الحقوق ويشهر ويدعي أن هذا ملك سابق له، كيف تتفاوض معه؟ وتحصل على شيئا منه؟ أما الإنسان الذي يقول عندي هذا الشيء وأنا عندي براهين على حقي فيه فعلى الآخرين أن يأتوا ببراهينهم، فإن كانت أقوى فلهم الحق، وإن كان برهاننا أقوى فالحق لنا، ولو كانت تصريحات إيران بهذا الشكل نحن نقول نعم هذا جيد وصحيح. ولكن إذا قيل إن لدينا براهين ولا نعرف إذا كانت هناك براهين عند أخواننا وجيراننا ولكن لا يقرر صحة هذه البراهين إلى التحكيم.
إذا قدمنا براهيننا وقدموا براهينهم للتحكيم فهو الذي يقرر الصحيح والباطل منها. أقصد بذلك اللجوء الى محكمة العدل الدولية"

شكلت العلاقات مع ايران محور اهتمام الشيخ زايد على امتداد فترة التسعينيات، حيث ظلت قضية الجزر التي استمرت عشرين عاما بين إيران ودولة الامارات العربية المتحدة معلقة دون حل. وفي ديسمبر1991، كان الشيخ زايد يتمسك بالتأكيد على |أهمية الحل السلمي للقضية، قائلا: " إن دولة الامارات العربية المتحدة، ترفض مبدأ القوة في العلاقات الدولية وتؤكد على حق سيادة كافة الدول على أراضيها وثرواتها الطبيعية".

في جلسة افتتاح المجلس الوطني الاتحادي (1993)، أوضح الشيخ زايد رحمه الله هذه السياسة بالقول: " ان الامارات تعتبر احتلال ايران لجزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وعدم التزانها بما جاء بمذكرة التفاهم حول جزيرة أبوموسى يمثل انتهاكا لسيادة ووحدة أراضي دولة الامارات العربية المتحدة وزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، كما يمثل اخلالا بالرغبة المعلنة في تطوير العلاقات بين البلديين وتعارضا مع المبادئ التي تقوم عليها العلاقات بين الدول. وإننا نؤكد أن تطوير علاقات الصداقة والتعاون بين البلديين يرتبط بتعزيز الثقة وبما تتخذه الجمهورية الاسلامية الايرانية من اجراءات تنجسم مع التزامها بمبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية واحترامها لسيادة ووحدة أراضي دولة الامارات العربية المتحدة ولمبدأ عدم التدخل في الشؤؤن الداخلية للدول الأخرى. إن دولة الامارات أعربت مرارا عن رغبتها في حل هذه المشكلة بالطرق السلمية وتؤكد عزمها على اتخاذ ومتابعة كافة الاجراءات السلمية

الكفيلة باستعادة سيادتها على جزرها الثلاث بموجب مبادئ وميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي وكتاب الله وسنة رسوله الكريم.

قال صاحب السمو الشيخ زايد رحمه الله في خطابه بمناسبة العيد الوطني في 2/ديسمبر/1996: "تنطلق سياستنا من مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وحسن الجوار واحترام سيادة ووحدة أراضي الآخرين ورفض اللجوء إلى استخدام القوة او التهديد بها لتحقيق أو تكريس مكاسب أو تغيرات اقليمية. وعلى هدي هذه المبادئ، سوف نستمر في العمل من أجل استعادة جزرنا الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، والتي تشكل جزءا لا يتجزأ من بلادنا وجزءا مهما من حقوقنا وإرثنا الوطني……"

وأضاف قائلا:" وبناءا عليه نجدد الآن دعوتنا إلى الجمهورية الاسلامية الايرانية للاستجابة الى نداءاتنا ومبادرتنا من أجل تحقيق حل سلمي للنزاع على الجزر الثلاث عن طريق مفاوضات ثنائية جادة أو القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية. ومن جانبنا فقد أبدينا حسن النوايا تجاه إيران على أكثر من صعيد بما يكفي لكي يحددوا خيارتهم انطلاقا من الروابط التاريخية وعلاقات الصداقة وحسن الجوار والمصالح المشتركة.

التأكيد على عروبة الجزر الثلاث

في عام 1864 أرسل الشيخ سلطان بن صقر القاسمي رسالة إلى الكولونيل البريطاني " بيلي" جاء في الرسالة:
" في العام الماضي أبلغتكم بتدخل سكان دبي في موضوع جزيرة أبوموسى، وهذه الجزيرة تخصني، وتتبعني جزر طنب، وأبوموسى، وصري، وبو نعير من ايام اجدادي وأنه أمر معروف جدا منذ زمن قديم أن جزر طنب وأبوموسى وصري وابو نعير تتبعني، وصري تتبع قواسم لنجا، وهنجام تتبع السيد تويني، وفارور تتبع المرازيق، وإذا قمت بالتحريات حول قولي هذا فسوف تجدونه صحيحا".
فهذه الرسالة تعتبر وثيقة واضحة والمتمعن فيها يجد أنه تنزل كحد الفيصل حكما نهائيا ينص على أن الجزر والسيادة عليهم من حق امارات الساحل المتصالح.

هناك عدد مكن الوثائق التي تثبت أن الجزر الثلاث هي جزر عربية ترابها عربي وهوائها عربي ورفات الأجداد تحت ترابها عربي:

1- الوثيقة الأولى: رسالة بتاريخ 28/ 9/1912 من المقيم السياسي البريطاني في الخليج السيد ( بيرسي كوكس) موجه الى شيخ الشارقة ( وكانت رأس الخيمة مرتبطة بها) وكان آنذاك الشيخ صقر بن سلطان القاسمي يطلب من المقيم السماح بإقامة فنار في جزيرة طنب لهدي البواخر العابرة إلى الخليج.

2- الوثيقة الثانية: رسالة أخرى من الوكالة الدولية البريطانية في ساحل عمان المتصالح إلى الشيخ سلطان بن سالم القاسمي حاكم رأس الخيمة بتاريخ 3/ 2/1938 تطلب فيها منه الإذن لتفضل بالموافقة على زيارة أحد مهندسين لجزيرة طنب و اخطار ممثله بالجزيرة بهذه الموافقة.

3- الوثيقة الثالثة: ظلت أعلام القواسم مرفوعة على الجزر دائما حتى الاحتلال الايراني سنة 1971 كما ان حاكم الشارقة كان يتقاضى الرسوم من جزيرة أبو موسى للغوص عن اللؤلؤ ورعي الماشية منذ عام 1/8/ 1863.

4- الوثيقة الرابعة: كانت جميع المرافق العامة بهذه الجزر تخضع لإدارة الاماراتيين وتطبق جميع الأنظمة والقوانين والأعراف المطبقة بالامارتين.

5- الوثيقة الخامسة: سكان الجزر الثلاث كانوا يحملون جنسية الامارتيين.

6- الوثيقة السادسة: جميع الامتيازات القانونية الممنوحة للشركات العالمية لاستخراج المواد المعدنية والنفطية من الجزر الثلاث الموقعة من اماراتي رأس الخيمة والشارقة.

هذه الجزر قضية عربية بالدرجة الأولى، انها لا تخص الخليج وحده، انها قضية عربية عرضت مشكلتها على الجامعة العربية قبل الاتحاد، وبعد الاتحاد، وقد تبنت الدول العربية هذه القضية، وكلف مجلس الجامعة العربية عدد من الدول ببذل الجهود والاتصالات بإيران لاستعادة هذه الجزر، ولا زالت هذه المساعي تبذل حتى الآن.

الخاتمة

والآن بعد هذه الرحلة التي تناولت فيها موضوع (احتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى). ومن خلال هذا البحث المتواضع أردت أن أعرض النتائج التي توصلت إليها:

• إن الجزر الثلاث منذ تاريخها الطويل لا تتبع إيران، والدليل على ذلك سكان هذه الجزر ينتمون إلى جذور عربية. كما أن الحقائق الجغرافية أثبتت تبعية الجزر للإمارات.

• احتلال إيران للجزر الثلاث كان يحمل في طياته أهدافا إستراتيجية واقتصاديا ولذلك تمسكت بها إيران لاستغلال ثرواتها الطبيعية.

• إن الحقائق التاريخية والجغرافية التي أثبتتها دولة الإمارات كانت أكثر إقناعا من الادعاءات الإيرانية القولية.

• كما أن أهم ما يؤكد سيادة دولة الإمارات على الجزر الثلاث هي الوثائق البريطانية في حين لا توجد أي وثيقة تؤكد سيادة إيران وسيطرتها على الجزر.

• غير أن رفض إيران اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحل النزاع بين الطرفين يؤكد على أنها غير قادرة على إثبات أحقيتها في الجزر الثلاث، لأن جميع أدلتها غير منطقية.

وفي الختام أقدم هذه التوصية:
• العمل على تكملة ما بناه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- رحمه الله- في إتباع الدبلوماسية، والحرص على التعاون والصداقة، والاتصاف بالحكمة في معالجة الأمور، حتى يسود السلام في المنطقة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

المصادر والمراجع

1. أحمد جلال التدمري، الجزر العربية الثلاث دراسة وثائقية، رأس الخيمة، 1995.

2. عائشة على السيار ، التاريخ السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، أبوظبي، 1996.
3. خالد بن محمدالقاسمي ، التاريخ الحديث والمعاصر لدولة الإمارات العربية المتحدة، ط2، الإسكندرية، 1999.

4. محمد مرسي عبدالله ، دولة الإمارات العربية المتحدة وجيرانها، الكويت، 1981.

5. حسين غباش ، الجزر الإماراتية في الوثائق البريطانية، الشارقة، 2024.

بالتوفيق..

م/ن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.