بدر طل على الأمة العربية ، ينشر نوره وضياءه على العالم كافة، نبع يفيض بالعلم والإنسانية والوطنية. إنه طه حسين ، الأديب والناقد والروائي المصري الكبير ، شخصية حفر اسمها في التاريخ العربي، لما قدمته في سبيل التجديد ونشر العلم والأدب، سار في مسيرته متحديا أعباءه ، ومتخطياً لكل حاجز كان سبباً في ردعه وإعاقته عن إكمال طموحاته.
كان طه حسين داعياً قوياً إلى التجديد، وذا إحساس وطني مرهف ، عاشقاً لمصــر ومدركاً لانتمائه للأمة العربية ، ومقدّراً لانتماء البشر جميعاً للإنسانية ، وعاش معلماً ومحاضراً ويكتب النقد والوصف والتراجم والأدب والمقالة والقصة وهو صاحب مدرسة ومنهج في النقد خاصة ، وفي أدبه نوافذ على الآداب العالمية وخاصة اليوناني والفرنسي وفي نفس الوقت هو بعيد التأثر بهما .
نال طه حسين الدكتوراه الفخرية في كثير من البلاد الأجنبية وأوسمة من تونس والمغرب.
ومن مصر منح قلادة النيل التي لا تمنح إلاّ لرؤساء الدول ، وكان قد حصل على أول جائزة تقديرية في الأدب ومنح جائزة الدولة عن كتابه : (على هامش السيرة)، وكان أول من منح جائزة الدولة التقديرية في الآداب. وفي هذا التقرير نبذة عن حياة هذا الأديب الكبير و أهم مؤلفاته التي جعلت منه واحداً من أكثر الأدباء شهرة في عصره…
2
الموضوع:
مولده و نشأته:
ولد الأديب العربي الكبير طه حسين عام 1889 ، وعاش طفولته المبكرة في وسط صعيد مصر. وكان طه حسين قد فقد بصره وعمره ثلاث سنوات، وكانت هذه العاهة هي السبب في الكشف مبكرا عن ملكات طه حسين ، فقد استطاع تكوين صورة حية في مخيلته عن كل فرد من أفراد عائلته، بل كانت السبب المباشر في الكشف عن عزيمته؛ بعد أن قرر التغلب على عاهته بإطلاق العنان لخياله إلى آفاق بعيدة قد لا يبلغها المبصرين . كان طفلاً انطوائياً، لا يتكلم مع أحد، و قد كان دائماً جاداً. حفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنوات، و كان كثير الاستماع إلى القصص والأحاديث، فنشأ على خلفية دينية واضحة وجلية وثقافة كبيرة ومتميزة في التاريخ العربي الإسلامي القديم.
الالتحاق بجامعة الأزهر:
بدأت رحلته الكبرى عندما غادر القاهرة متوجها إلى الأزهر طلباً للعلم وهو في قرابة 14 من عمره ، وهناك بدأت ملامح شخصية طه حسين المتمردة في الظهور حيث بدأ يتبرم بمحاضرات معظم شيوخ الأزهر الاتباعيين. لم يقتصر اهتمامه على تعليم الأزهر وحسب فقد اتجه للأدب فحفظ مقامات الحريري، وطائفة من خطب الإمام علي، ومقامات بديع الزمان الهمذاني واتفق هو والشيخ المرصفي في بغضهما لشيوخ الأزهر وحبّهما الراسخ لحرية خالصة، وأخذ عن المرصفي حبه للنقد وحريته.
دخول الجامعة المصرية:
في العام ذاته فتحت الجامعة المصرية أبوابها فترك الأزهر والتحق بها وسمع دروساً في الحضارة الإسلامية و أخرى في الحضارة المصرية القديمة، ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية وغيرها فكان دخوله للجامعة المصرية بداية مرحلة جديدة في تلقي العلوم وتثقيف النفس وتوضيح الرؤية وتحديد الهدف. انتهى طه حسين في هذه الفترة من إعداد رسالة الدكتوراه ( وكانت عن أبي العلاء)، ونوقشت الرسالة عام 1914 ليحصل بها على أول درجة دكتوراه تمنحها الجامعة المصرية لأحد طلابها.
دفعه طموحه واجتهاده لإتمام دراساته العليا في باريس ليرحل نحو تحقيق حلم جديد هو الحصول على الدكتوراه من فرنسا وهكذا وفي عام 1914، ذهب طه حسين إلى باريس لتحقيق مراده.
العودة إلى مصر :
ذهب طه حسين إلى باريس و حصل على الدكتوراه، وفي عام 1919 عاد إلى مصر فعين أستاذاً للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925، حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام إلى جامعة حكومية، ثم عين طه حسين أستاذا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب، ثم عميداً لكلية الآداب، الأمر الذي أثار أزمة سياسية انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقالة.
ومن الوظائف التي عمل بها أيضاً، تعيينه لأول مرة وزيراً للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتى 26 حزيران 1952 وهو يوم إحراق القاهرة حيث تم حل الحكومة.
وكانت تلك آخر المهام الحكومية التي تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك وحتى وفاته إلى الإنتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها داخل مصر وخارجها ، وظل طه حسين يكتب في عهد الثورة المصرية, إلى أن توفي عبد الناصر, وقامت حرب أكتوبر التي توفي بعد قيامها في عام 1973 .
3
مؤلفاته:
ترك طه حسين حين غادر هذه الحياة أكثر من ثلاثمائة وثمانين كتاباً من الكتب القيمة ونذكر منها: الأيام ، الوعد الحق ، المعذبون في الأرض ، في الشعر الجاهلي ، كلمات ، نقد وإصلاح ، من الأدب التمثيلي اليوناني ، طه حسين والمغرب العربي ، دعاء الكروان ، حديث الأربعاء ، صوت أبي العلاء ، من بعيد ، على هامش السيرة ، في الصيف ، ذكرى أبي العلاء ، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية و الديمقراطية في الإسلام ..
رائعة الأيام:
كان إنتاج (الأيام) سيرة ذاتية تعبر عن سخط كاتبها بواقعه الاجتماعي ، خاصة بعد أن عرف الحياة في مجتمع غربي متطور بينما كان انتماء طه حسين للريف المصري، وكان لمروره بحياة قاسية في وسط تسوده الخرافة والأساطير والتقاليد والتي كانت سببا في إفقاده بصره، بالإضافة إلى سلطة المؤسسات التقليدية (الكتّاب، الأزهر)، فولدت هذه العوامل في نفسه شعورا بالمرارة وإحساسا عميقا بالتخلف وإصراراً أكبر على الدعوة إلى التجديد والتطوير وعدم التقليد والاتباع الخاطئ الذي لا يوجد إلا في عقول وقلوب الضعفاء والجهلة.
4
الخاتـــــــــــــــمة:
لقد تغلب هذا الأديب المبدع على فقدانه بصره، واستفاد من قوة بصيرته التي وهبه الله إياها لتحقيق آماله، ولم ييأس من ظروفه الصعبة، بل عمل هذا الكفيف على إنارة الدنيا بكتبه الرائعة..
فهذا هو طه حسين، لؤلؤة الأدب العربية ، زرع في قلبه تحدي عاهته، والصبر على مصائبه، وتخطي ما يعيقه، فحصد العلم والبلاغة والبصيرة والإنسانية ، وأمطرت سماؤه بمؤلفاته وكتاباته التي كانت ولا تزال كنزاً من كنوز الأدب العربي.
التوصيات و المقترحات:
• يجب على المهتمين باللغة تخصيص أيام للأدب العربي؛ ليتم فيها عرض أهم الأعمال الأدبية والتعريف بالأدباء عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وفي المدارس مثل: (اليوم الوطني للغة العربية) الذي احتفل به مؤخراً في الحادي والعشرين من شهر فبراير..
• يجب على كل فرد أن لا يدع العوائق تحول دون تحقيقه لأهدافه وطموحاته..
• على الآباء، و المدرسة، والمجتمع، مسؤولية عظيمة بترسيخ اللغة في نفوس الأبناء..
5
المصادر و المراجع:
• صحيفة الرياض 3 رمضان 1445هـ – 6 أكتوبر 2024م – العدد 13618
• . الأيام -، طه حسين، مصر، مركز الأهرام للترجمة والنشر ، 1991.
• تاريخ الأدب العربي، أحمد حسن الزيات، بيروت، لبنان، دار المعرفة، ط 1996
ومن الإنترنت:
https://thaqafa.sakhr.com
https://www.annaharonline.com
https://www.adabwafan.com
www.google.com
منقوووووووووووووووووول ..